{ بحث وقت الفراغ }




تعريف وقت الفراغ:
حدد علماء الاجتماع وقت الفراغ بخواص معينة واعتبروها أساس تعريف مفهومه منها أن يكون المقصود من الفراغ هو التحرر من العمل بحيث لا يقصد من أشغاله التكسب، وكذلك انعدام الأغراض التجارية أو النفعية والصفة الثالثة هي قابلية الفراغ على إشباع حاجات الفرد التي لا يحققها العمل عادة.


ويمكن تعريف وقت الفراغ على أنه الوقت الحر الذي يقابل وقت العمل (عكس وقت العمل). وهو الوقت الزائد الذي يمكن للفرد من خلاله ممارسة خياره الحر في ممارسة النشاط الذي يرغب بالطريقة التي يحب. ويوضح الشكل السابق تقاطع وقت الفراغ مع وقت العمل، فالسفر من أجل العمل يحتل مساحة من وقت العمل، ويتخذ شكل من أشكال السياحة، مقابل السفر للترويح. ثم هناك وقت الفراغ الجاد الذي يعني القيام بأنشطة ترويحية منظمة، كممارسة أنشطة ترويحية تتعلق بالهوايات الدائمة والمنظمة. ويوضح الشكل أيضا أن هناك تقاطعا بين الترويح والسياحة. فيرى البعض أن السياحة هي بحد ذاتها نشاطا ترويحيا، مثلما أن السياحة هي أحد نهايات عالم وقت الفراغ

والفراغ يحمل في طيه معنيين: نيولينجر 1983 Neulinger. الأول: معنى الوقت الفائض أو الوقت الحر. residual or Free time والثاني: حالة للعقل State of mind تتسم بحرية مدركة وواقع داخلي. وبينمايؤكد بعض الباحثين أن وقت الفراغ يعبر عن الوقت الحر المباح للفرد، والذي لا يقضيهفي أي نشاط يتصل بكسب العيش، أو إشباع الحاجات الأساسية كالأكل والنوم، (جونز 1963 Jones، زهران 1980)، يرى إبراهيم وجيه أن وقت الفراغ هو الوقت الذي يقضيه الفرد فينشاط مفيد يتمكن أثناءه من تحقيق بعض ما يرغب فيه ويميل إليه. ويقدمماكدويل 1981 Mc Dawell تعريفين لوقت الفراغ هما:
 1 - وقت الفراغ هو وقت غير مكرسلشيء أساسي، إنه وقت غير مخصص للعمل به إنه وقت غير مخصص للعمل به إنه وقت للتحررمن العمل. إنه وقت يخصص للراحة والاسترخاء.
 2 - إن الفراغ رافد من روافد الشعور،يرتبط بخبرات جمالية محققة تعطى للفرد إحساساً بالسرور وتحقيقالذات.
من حق أي انسان سواء كان كبيرا أوصغيرا أن يأخذ راحة بعد عناء طويل من العمل أو الدراسة ونحن الآن في الإجازة يتمتعأغلبنا بوقت فراغ كبير، إن أوقات الفراغ لها فائدة كبرى فهي تجدد ذهنك تجدد نشاطكتجعلك تمارس هواياتك المفضلة التي ربما انشغلت عنها طول العام

وتقوم النظرية الإسلامية في التربية على أسس أربعة،هي: ( تربية الجسم، وتربية الروح، وتربية النفس، وتربية العقل)، وهذه الأسس الأربعة تنطلق من قيم الإسلام، وتصدر عن القرآن والسنة ونهج الصحابة والسلف في المحافظة على الفطرة التي فطر الله الناس عليها بلا تبديل ولا تحريف، فمع التربية الجسمية تبدأ التربية الروحية الإيمانية منذ نعومة الأظفار.
وقد اهتم الإسلام بالصحة النفسية والروحية والذهنية، واعتبر أن من أهم مقوماتها التعاون والتراحم والتكافل وغيرها من الأمور التي تجعل المجتمع الإسلامي مجتمعاً قوياً في مجموعه وأفراده، وفي قصص القرآن الكريم ما يوجه إلى مراهقة منضبطة تمام الانضباط مع وحي الله _عز وجل_، وقد سبق الرسول _صلى الله عليه وسلم_ الجميع بقوله:"لاعبوهم سبعًا وأدبوهم سبعًا وصادقوهم سبعًا، ثم اتركوا لهم الحبل على الغارب".
و قد قدم الإسلام عدداً من المعالم التي تهدي إلى الانضباط في مرحلة المراهقة، مثل:" الطاعة: بمعنى طاعة الله وطاعة رسوله _صلى الله عليه وسلم_ وطاعة الوالدين ومن في حكمهما، وقد أكد القرآن الكريم هذه المعاني في وصية لقمان الحكيم لابنه وهو يعظه قال: "يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ" (لقمان: من الآية13).
ذكر أحد الباحثين في هذا المجال أن الأبحاث والدراسات أثبتت أن بعض التلاميذ في البلاد العربية عندما يتخرج من الثانوية العامة يكون قد أمضى أمام التلفاز ( 15000 ساعة ) فيما يقضي في فصول الدراسة ( 10800 ساعة ) فقط .

** أما في الجامعات السعودية يقضي الطالب ( 600 ساعة ) سنوياً بينما متوسط الساعات التي يقضيها الفرد أمام الفضائيات بمعدل ( 1000 ساعة ) سنويا.

** الجامعات تعطل يوم الخميس والجمعة وكذلك أيام الأعياد والمناسبات.. بينما البث المباشر يستمر على مدى 24 ساعة في جميع الأيام دون انقطاع.

**  وفي الجامعة أو المدرسة يصاب الطالب بالملل إذا زادت عدد الساعات الدراسية بينما يبقى المشاهد أمام الإرسال المباشر ساعات طويلة دون أدنى إحساس بالملل.
طرق استغلال الوقت:
       يمكن للأب أن ينظم في أسرته وقتهم محاولاً استغلال كل لحظة بما يفيد ويعود على الأولاد بالخير، ويحذر كل الحذر من الثغرات التي يمكن أن ينطلق منها الأولاد إلى تعود الملل،ومعرفة الفراغ، وتذوق مرارة السآمة، فالاسلام حريص على شغل الإنسان شغلاً كاملاً منذ يقظته إلى منامه، بحيث لا يجد الفراغ الذي يشكو منه، ويحتاج في ملئه إلى تبديد الطاقة أو الانحراف بها عن منهجها الأصيل، ويمكن القضاء على وقت الفراغ عن طريق[1]:
1)              اللعب الهادف وشيء من التعلم للرياضات البدنية المنظمة وألعابها المباحة، وتخصيص شيء من الوقت يوميًا لممارسة الرياضة المفضلة، والاهتمام بهوايات الأولاد المفضلة كالنجارة والحدادة والميكانيكا والرسم والزخرفة وغير ذلك.
2)              تسجيل الأولاد في نشاطات المدرسة اللاصفية كجمعية التوعية الاسلامية والكشافة وغيرها من الجمعيات الهادفة على أن يتأكد من نوع البرامج وطبيعة المشرفين عليها ومدى الفائدة التي يمكن أن يحصلها الولد.
3)              في الاجازات يكون وقت الفراغ أطول وحدوث الملل والسآمة آكد، فلا بد من مضاعفة الجهد والعمل على استغلال الوقت بصورة أكبر، ويمكن اشتراك الولد في أحد المراكز الصيفية التربوية الهادفة، بعد الاطلاع على برامجها ومعرفة المشرفين عليها، حيث يشغل وقت الولد بالنشاطات الثقافية والرياضية المتنوعة صباحًا ومساء.
4)              إشراك الولد في جمعيات تحفيظ القرآن الكريم طوال أيام السنة وفي الاجازات الصيفية إضافة إلى نشاطات المراكز، على أن تراعى طاقة الولد فلا ينهك بالدروس والنشاطات فيملها بعد ذلك ويزهد فيها.
5)              في إجازات الأسبوع يفرغ الأب نفسه للأولاد فيملؤها من الصباح حتى المساء بالنشاطات المحببة المفيدة ويبدأ من الفجر بالصلاة والذكر وقراءة القرآن وشيء من التنـزه بالسيارة حتى طلوع الشمس ثم الرياضة البدنية الخفيفة ثم الافطار.
6)              الخروج إلى البحر أو البر لقضاء يوم كامل في رحلة بريئة ممتعة، ويمكن رواية قصة قصيرة للأولاد من القصص التاريخية المشوقة، أو سيرة الصالحين أو نحو ذلك.
الآثار الإيجابية لاستغلال وقت الفراغ:
7)              إشباع الحاجات الجسمية للفرد عن طريق ممارسة الرياضة البدنية وليس مشاهدتها فقط، حيث تؤدي مزاولة الرياضة على إزالة التوترات العضلية وتنشيط الدورة الدموية وإكساب الجسم الحد الأدنى من اللياقة البدنية.
8)              إشباع الحاجات الاجتماعية للفرد، فمن المعلوم أن أنشطة وقت الفراغ تتم بشكل جماعي وهذا يساعد الفرد حين يمارسها على اكتساب الروح الجماعية والتعاون مع الآخرين كما تكسبه مكانة اجتماعية مقبولة لنفسه من خلال تقبل نظم وقواعد الجماعة التي يشاركها.
9)              إشباع الحاجات العلمية والعقلية للفرد: وهذا يتأتى من خلال المناشط الابتكارية وتنمية القدرات العقلية والذكاء والتفاعل الايجابي مع المواقف المختلفة، إضافة إلى تطوير القدرة الإدراكية والاستيعابية للمواقف المختلفة.
10)       إشباع الحاجات الانفعالية للفرد: وهي الدوافع اللاشعورية والتي قد تخرج في هيئة تصرفات شاذة وغير مقبولة كما في حالة كبتها أو عدم إخراجها بشكل منضبط ومتوازن.
11)       المساعدة على التكيف والاستقرار النفسي والرضا الذاتي وتنمية هوية الفرد الذاتية، مما يؤدي إلى صحة نفسية سليمة.
12)       المساعدة على اكتشاف السجايا والأخلاق والطباع التي يحملها الأفراد.
13)       تنشيط الحركة الاقتصادية في المجتمع من خلال جعل الأنشطة والبرامج الترويحية موارد استثمارية.
مما لا شك فيه أن بعض الشباب عندما لا يحسن استغلال وقت فراغه، فإنه يؤدي به ذلك إلى الوقوع في الكثير من المحذورات، والشبهات، والمحرمات، والممنوعات، ومن هذا المنطلق فإنه يجب على من يقوم بعمليات الإرشاد والتوجيه أن يستخدم العديد من الأساليب مع الشباب لعلاج هذه المشكلة والقضاء عليها.
       ويجب عليه أن يظهر الحرص على مصالح الشباب وحسن عقيدتهم والحفاظ على حياتهم، فيعمل على إبعادهم عن الشبهات التي يقعون فيها، وتنويرهم بأخطار هذه الشبهات وما يترتب على الوقوع فيها من غضب لله، وانتهاك للأعراض، وقتل للمبادئ والمثل في المجتمع الذي يعيشون فيه، كما يمكن له أن يستخدم أيضًا مع الشباب أسلوب الترغيب والترهيب، من خلال تعريفهم بالمخاطر والمضار الذي يترتب على فعلهم للمنكر ويجب أن يكون واضحًا بينًا في قوله لا غموض فيه، مفهومًا عند الشباب، ولا يأتي بالصراخ والأسلوب الذي ينفر ويجعلهم يتمادون ويستمرون في المنكر الذي هم عليه.
       ويمكن له أيضا أن يوضح لهم السبل والطرق التي تبعدهم عما هم فيه من المخالفات من جهة، ومن جهة أخرى توضيح الحل والعلاج لما هم فيه من خلال اقتراح العديد من الأساليب في القضاء على وقت الفراغ، من خلال علمه واطلاعه على هذا الموضوع، ويمكن له من خلال معارفه في النوادي والجمعيات والمؤسسات والشركات أن يقوم بالتنسيق مع تلك الجهات لاستغلال طاقات الشباب المهدرة، وجعلهم يعملون لديهم مثلا بمقابل بسيط، أو الاستفادة من الندوات والمحاضرات في الجمعيات وغيرها وعن طريق إعطائهم الجوائز القيمة والمعنوية التي تدفعهم للدخول في مثل تلك النشاطات.







المراجع
·        1ـ وزارة المعارف ، سياسة التعليم في المملكة العربية السعودية ، الطبعة الرابعة 1416هـ
2
ـ محمد مصطفى زيدان ، معجم المصطلحات النفسية والتربوية ، دار الشرق ، جدة 1399هـ -1979م
3
ـ صالح بن حمد العساف ، المدخل إلى البحث في العلوم السلوكية ، شركة العبيكان الرياض ، 1408هـ