أنواع طرق التدريس و التربية الأسلامية



ــ  أهمية التدريس والتربية في الإسلام


من الثابت علمياً إن الإنسان  يولد صفحة بيضاء، خالية من أي اتجاه أو تشكل للذات، وإنما يحمل الاستعداد لتلقي العلوم والمعارف وتكوين الشخصية والتشكل وفق خط سلوكي معين.
لذا نجد القرآن الكريم يخاطب الإنسان  بهذه الحقيقة، ويذكِّره بنعمة العلم والتعليم والهداية.
قال تعالى: { واللهُ أخرجكُم من بطونِ أُمهاتكُم لا تعلمونَ شيئاً وجعلَ لكمُ السمعَ والأبصارَ والأفئدةَ لعلكمْ تشكرونَ }. (النحل/78)
ويترجم الإمام علي (عليه السلام) هذه الحقيقة العلمية فيقول:
(وإنّما قلب الحدث كالأرض الخالية، ما أُلقي فيها من شيء قبلته)(1).
شرح العلامة الحلي مراحل تكوُّن المعرفة لدى الطفل فقال: ( إعلم أن الله خلق النفس الإنسان في بداية فطرتها خالية من جميع العلوم بالضرورة، قابلة لها بالضرورة، وذلك مشاهد في حال الأطفال. ثم إنّ الله تعالى خلق للنفس آلات بها يحصل الإدراك، وهي القوى الحساسة، فيحس الطفل في أوَّل ولادته، يحس لمس ما يدركه من الملموسات، ويميّز بواسطة الإدراك البصري على سبيل التدرج بين أبويه وغيرهما.

وكذا يتدرج في الطعوم وباقي المحسوسات إلى إدراك ما يتعلق بتلك الآلات، ثم يزداد فطنة فيدرك بواسطة إحساسه بالاُمور الجزئية الاُمور الكلية من المشاركة والمباينة، ويعقل الاُمور الكلية الضرورية بواسطة إدراك المحسوسات الجزئية، ثم إذا استكمل الاستدلال، وتفطن بمواضع الجدال، أدرك بواسطة العلوم الضرورية العلوم الكسبية، فظهر من هذا أن العلوم الكسبية فرع على العلوم الضرورية الكلية، والعلوم الضرورية الكلية فرع على المحسوسات الجزئية)(2).
من هذا الشرح لمدلول الآية تتحدد نظرية المعرفة في الإسلام وكيفية تكوّنها لدى الإنسان  منذ نشأته الأولى، مؤصَّلة على قاعدة قرآنية.
وعلى هذا الفهم، وتلك الأسس العلمية لتلقي المعرفة وتكوُّن الشخصية تبتني النظرية التربوية في الإسلام، ويبدأ تكليف الأبوين في إعداد الطفل وتربيته وتعليمه.
والتربية في مراحلها الأولى هي مران وتدريب سلوكي عملي يتلقاه الطفل عن طريق الحس من أبويه فيكتسب منهما السلوك والأخلاق والعادات وطريقة التعامل.
لذا فإن السلوك العائلي، ومحيط الأسرة الثقافي يؤثران تأثيراً بالغاً في تكوين الشخصية واتجاهها المستقبلي.
أما التعليم فهو تلقي العلوم والمعارف لتكوين عقلية الإنسان  وطريقة تفكيره وثقافته، وتشكيل صبغة الهوية الفكرية لشخصيته؛ لذا جاء في الحديث الشريف: (ما من مولود يولد إلاّ على هذه الفطرة، فأبواه يُهوّدانه ويُنصّرانه)(1(.
ولأهمية التربية في بناء الشخصية والسلامة النفسية من العقد والانحرافات وأثرها في سعادة الإنسان  وشقائه في مستقبل حياته وآخرته، ودورها الفاعل في حضارة المجتمع وتقدمه العلمي والتنموي أكّد الاسلام الاهتمام بالتربية وتوجيه الطفل والعناية الفائقة به سيّما في سنيّه الاُولى. فالتربية تؤثر على أمن المجتمع، وصحته ونظافة بيئته، وإنتاجه الاقتصادي، واستقراره السياسي وتقدمه العلمي والحضاري.

فالطفل الذي ينشأ كسولاً مهملاً، لا يمكن أن يكون إنساناً منتجاً يعرف كيف يوظّف وقته وطاقته، ويطوِّر انتاجه وقدراته، أو يواصل تحصيله العلمي والخبروي.
والطفل الذي ينشأ مشرداً متمرداً نتيجة لسوء تعامل الأبوين أو المدرسة أو السلطة من الصعب أن يكون إنساناً ملتزماً بالقانون، يحافظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي لبلده وأُمته.
والطفل الذي يعيش في بيئة شاذة، أو يُربّى تربية منحطّة تترك تلك التربية تأثيرها في سلوكه فتجني عليه، وتصنع منه انساناً مجرماً معذَّباً في حياته وشقياً في آخرته.
فقد أثبتت التجارب والاحصائيات العلمية التي أجراها الباحثون أثر التربية في تكوين الفرد والمجتمع فجاءت متطابقة مع تشخيص الرسالة الاسلامية ومقرراتها العلمية في التربية، نذكر منها:
تقول معظم الدراسات التي اُجريت في العالَمين العربي والغربي بأن سني الطفولة الاُولى هي سني تكوين الشخصية الإنسان ية وتنمية المواهب الفردية؛ فالولد يكتسب من احتكاكه بمحيطه ردات فعل على المثيرات الخارجية بحيث تكتمل نصف ردات فعله الثابتة في حياته في السنوات الاُولى منها وبديهي أن يكون للقيم السلوكية الايجابية والسلبية السائدة في محيطه العائلي دور فعال ومؤثر في تكوّن طريقة تعامله مع الغير. وتثبت الأبحاث التربوية ايضاً أن تكوّن الصورة الذاتية لدى الطفل منذ حداثة سنه تؤثر في نظرته الى نفسه طيلة سني حياته. فإذا تكونت لديه صورة سلبية عن مقدرته ومكانته في عائلته بأن شعر نفسه مهملاً، دون دور معين في محيطه العائلي، لا يثير اهتمام أحد كأن وجوده أو عدمه سيّان؛ نمت لديه صورة قاتمة عن مكانته في المجتمع، ما تلبث ان تترجم بتصرّفات تؤدي الى اثبات الوجود عبر سياق تعويضي يتصف بالعنف أو بالمشاكسة أو بالانحراف. وبالعكس اذا وجد الرعاية والمحبة والعاطفة والتقدير والتشجيع بين افراد اسرته زهت صورته عن نفسه ونمت مقدراته ومواهبه وأصبح يشعر بإشراقة مضيئة تشعّ من شخصيته فتؤهله للقيام بدور فعال في حياته العائلية ومن ثم المدرسية والمهنية والاجتماعية.
أثبت التقرير الذي وضعه كولمان نتيجة لأبحاثه التربوية المؤيّدة بالأبحاث التي قام بها المجلس الاستشاري المركزي للتربية في انكلترا أن خمسين بالمئة من ذكاء الأولاد البالغين السابعة عشرة من عمرهم يتكوّن بين فترة تكوّن الجنين وسن الرابعة. وأن خمسين بالمئة من المكاسب العلمية لدى البالغين ثمانية عشر عاماً تتكون ابتداءً من سن التاسعة. وان 33% من استعدادات الولد الذهنية والتصرفية والمقدامية والعاطفية يمكن التنبؤ بها في سن الثانية، وتصبح درجة التنبؤ 50% في سن الخامسة. وتضيف دراسة اُخرى أن نوعية اللغة التي يخاطب بها الأهل أولادهم تؤثر الى حدّ كبير في فهم هؤلاء وتمييزهم لمعاني الثواب والعقاب وللقيم السلوكية لديهم ولمفاهيمهم ودورهم وأخلاقيتهم
ويعتبر الاسلام أن من أهم مكاسب الإنسان  في الدنيا أن يكون له ولد صالح، سويّ الشخصية والسلوك.
فقد روي عن الرسول (صلى الله عليه وآله) قوله: (من سعادة الرجل الولد الصالح)(1(.
وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قول   ) ميراث الله من عبده المؤمن الولد الصالح يستغفر له(
تربية النشء في الإسلام 
الذرية من اكبر النعم التي ينعم بها الله سبحانه وتعالي علي عباده حيث يقول سبحانه: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا )
وصدق الشاعر حين قال :- ( نعم الإله علي العباد كثيرة واجلهن نجابة الابناء)
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم  :
يولد المولود علي الفطرة فاباه يمجسانه او ينصرانه أو يهودانه ولم يقل يمسلمانه لأن الإسلام دين الفطرة. فعلي الآباء ان يتحلو بمخافة الله عز وجل و أن يتذكروا حق الابناء عليهم بتربيتهم علي الإستقامة وحب العبادة التي تنشئ الطفل شاباً ًملتزماً بقواعد الدين دون ميوعة او تطرف لكي لا يحتاج في المستقبل لتوجيه وإرشاد لأمور دينه من أحد ولا ينسي الأباء ان تربية الابناء لها اجر وثواب عند الله( من عال ثلاث بنات فادبهن وزوجهن دخل الجنة) وعكس ذلك تماماً من أدب أبناءه علي السلوك السيئ فهو محاسب بما يفعلون وسيتحمل مغبة ما يصنعون .
فلذا من واجبنا ان نغرس في أبنائنا السلوك الصحيح منذ صغرهم( فمن شب علي شئ شاب عليه) فالطفل الذي ينشأ معتدل التربية لا يكلف والديه مشاق المتابعة واللهث وراءه فهو موثوق بسلوكه بشهادة الجميع من صغر سنه.وعلينا ان نستشعر الاجر والثواب فمن علم ابنه كلمة لا اله الا الله فسيأتيه من الحسنات ما لا يحصي كلما تفوه بها الابن في حياته!
دور الأب تجاه أبناءه:
·       جاء رجل الي سيدنا عمر بن الخطاب يشتكي عقوق إبنه فسأله الإبن ( هل من حق للإبن علي أبيه؟) فقال سيدنا عمر(نعم يحسن إختيار أمه ويحسن تسميته ويعلمه القرآن) فقال الإبن( إختار لي أماً أمة خرقاء وأسماني جُعلاً -أي خنفساء- ولم يعلمني آية من القرأن) فقال سيدنا عمر للأب ( لقد عققته قبل ان يعقك) ومن هذه القصة وامثالها نستفيد التالي:
·       التسمية الصحيحة الجميلة وخيرها عبد الله وعبد الرحمن وأصدقها همام والحارث وجري علي السنة الناس خير الأسماء ما عبد وحمد بضم العين والحاء.
·       بعض الناس ممن يسمون الأسماء التي تتناسب مع موضة العصر فيسمون أبناءهم بأسماء مشاهير حتي لو كانوامن فسقة الكفار.
·       توجيههم نحو الالتحاق في هذه الايام بالخلاوي الصيفية حيث يحفظون القرءان ويتعلمون علما نافعا .ولتذكر هؤلاء ان الاب اللذي يحفظ ابنه القرءان يؤتي به يوم القبامة فيلبس تاج الوقار اللذي تعدل الجوهرة الواحدة منه الدنيا وما فيها.هذا للاب اما الابن فيقال له اقرأ وارقأ فلا ينتهي صعوده الا بأن ينتهي حفظه .هذه الفرصة ينبغي عدم تفويتها .

خطوات نحو ذرية صالحة:
·       قال (ص)( فاظفر بذات الدين تربت يداك) فالدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة الزوجة المتدينة من نعم الحياة كما قال (ص) فهي اذا نظر اليها سرته واذا امرها اطاعته واذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله .
·       أن يكون الزواج زواجا إسلاميا مباركاً دون معاصي  والمقصود بالمعاصي تكاليف الزواج الباهظة من إسراف في العادات التي لا تمت للدين بصلة من مغالاة في المهور  حيث قال (ص) ( أيسرهن مؤونة أكثرهن بركه). وسبحان الله نجد إستمرارية في الزواج في كثير من الأسر اللاتي تزوجت بناتها بالقليل فيبارك الله في زواجهن ويكتب له الإستمرار بينما نسمع ان كثير من الزيجات الباهظة فشلت في أقل من عامها الاول.
·       الحفلات الصاخبة التي لا يستفيد منه الزوجين شيئا غير غضب الله سبحانه وتعالي من تبرج النساء الحاضرات واختلاط النساء بالرجال وانواع من المنكرات
·       اضافه الي ذلك السهر في الحفلات وترك الفرائض من الصلوات
·       اتباع السنه في المعاشره الزوجيه( اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان مارزقتنا )
·       فإذا قدر أن يأتي ولد من تلك الليلة لم يضره الشيطان.
·       معاملة الزوجة بما يرضي الله  سبحانه قال (ص) (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله) مراعاتها في المبيت والنفقة والكلام الطيب في التعامل معها لكي يتم الاحترام وتجنب غضبها لكي لا يدع مجالاً للشيطان ان يدخل بينهما اتقان فن التعامل الجيد بالإقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم مع زوجاته من ملاطفة ومداعبة داخل المنزل فهذا الامريجعل الزوجة محبة لزوجها .يقول سيدنا عمر يعجبني ان يكون الرجل في بيته كالطفل فاذا خرج للناس كان رجلا .هذه الروح الطيبة تجعل الام تنشئ أبناءها علي المحبة لوالدهم وطاعته و الإقتداء برب الاسرة في كل سلوكه .
·       مراعاة الحالة  النفسية للمرأة في فترة الحمل فهي تمر بظروف صعبة في حمل هذا الطفل القادم الذي هو إبنك أو ابنتك فيجب مشاركتها هذه الآلام وهذه المعاناة بالمحبة والرعاية لكي يتجنب الطفل المرتقب التوترات التي تنعكس سلباً عليه فينشأ عنيفاً عنيدً وعصبي المزاج و إرشادها بسماع القرآن الكريم .
·       من أسرار تيسير الولادة المستنبطة من القرآن تكرار الآية ( ثم السبيل يسره) حتي يخرج الطفل معافي من الأمراض ومحفوظا من كل الشرور.
·       عند ولادة الطفل مباشرة يجب ان يؤذن له في أذنه اليمني وتقام الصلاة في أذنه اليسري.
·       الرضاعه الطبيعيه للطفل( وفصاله في عامين ) كما ذكر في القران الكريم و كثير من الامهات يجهلن اهمية الرضاعة الطبيعية بلا شك أن إهتمام القران بها لما فيه مصلحة الطرفين .. للام التي ترضع من ثديها فتقيها شر أمراض السرطان نسأل الله العافية لكل الأمهات وبالنسبه للطفل  معافاته من  أمراض كثيرة مثل هشاشة العظام ونقص الكالسيوم والمناعة الضعيفة كما أفاد الطب الحديث وثانياً معدلات الذكاء عند الطفل الذي ارضع طبيعيا أكثر من الذين أدخلت لهم أشياء صناعية.
·       العقيقة وهي في اليوم السابع للمولود أو الرابع عشر.
·       تحنيك الطفل كما كان يفعل رسول الله صلي الله عليه وسلم بأن يمضغ تمرة ثم يمررها علي لثة الطفل.


واجبات الأم تجاه الطفل:
·       طاعة الله بصورة صحيحة أمام إبنائها من صلاة وصيام والتصدق أمامه بما هو مستطاع وتعليمه السواك وحب النظافه وما شابه (مثال أن نصلي في جماعة يؤم الوالد أبناءه ومن خلفهم زوجته )
·       احترام والده أمامه وإظهار الطاعة والاحترام حتي وإن كان هنالك خلاف لا يتم الشجار أمام الأبناء لكي لا يفلت زمام الأمورمنها ولا تستطيع إصلاحها .
·       التغذية الجيدة وآداب الطعام ومتابعة دروسهم ومعرفة من هم أصدقائهم( إن القرين بالمقارن يقتدي)
·       تعليمهم الإجتماعيات وحب الناس وزيارة أرحامهم.عدم الرضوخ لرغباتهم في الطلبات الا بالمستطاع لكي لا ينشأ أنانياً  وعدم الكذب عليهم حتي بالمزاح ولا نعدهم بشئ لا نستطيع أن نلبيه لهم( لا يكلف الله نفساً الا وسعها)
مراحل التربية :
تنقسم الي 3 مراحل
المرحلة الأولى :  مرحلة من المهد وحتي السابعة- السمة البارزة فيها تكون الملاطفه والمرح واللين  ( قصته (ص) مع الأقرع بن حابس عنما استنكر علي الرسول ان يقبل احفاده متفاخرا ان له عشرة من  الأبناء لم يقبل منهم احدا) فقال (ص) ( من لايرحم لا يرحم)
المرحلة الثانية : من السابعة إلي العاشرة هي مرحلة التربية الجادة بتوجيهم للصلاة وأخذهم للمسجد وتعويد البنات علي اللبس المحتشم.
وتفريقهم في المضاجع عند سن العاشرة فلا ينام الاخ مع أخته حيث يقول (ص) مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع.
 المرحلة الثالثة : من مرحلة ما بعد العاشرة تبدأ سن المراهقة وهي تتفاوت فيها سن البلوغ  من سن الحادية عشرة وحتي الخامسة عشرة .
هنا يكمن المحك الحقيقي للآباء فالمتابعة المستمرة مطلوبة هنا فهذه هي أخطر المراحل إذا تعداها الإبن نحمد الله علي ذلك . هنالك دعاء يستحب لمرحلة المراهقة يا هادي المضلين أهدي أبنائي و احفظهم من الغواية والشيطان ( ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين وأجعلنا للمتقين إماما ).










المراجع /
تربية النشء في الإسلام
        تأليف: د. سلوى محمد أحمد عزازي
        الناشر: سلوى محمد أحمد عزازي - مصر(2007)
http://www.ikhwansd.com/articles/2009/4/boy.htm
http://www.alyaseer.net/vb/showthread.php?t=2094